هل مشكلة المرأة أنها عاطلة؟

لم ألاحظ في الرؤية التي طرحها سمو ولي ولي العهد الواعدة بمستقبل المملكة تركيزاً على المرأة، لكني لاحظت أن سموه تحدث عن البطالة كمشكلة أساسية ولم يستثن منها قوة العمل النسائية.

هل مشكلة المرأة اليوم انها عاطلة عن العمل؟ أين حقها في قيادة السيارة وفي السفر بإرادتها وغير ذلك مما يلح عليه إخواننا الليبراليون. إذا حلت مشكلة بطالة المرأة هل تحل قضايا ومشاكل المرأة الأخرى المعلقة؟ أظن نعم. بطالة المرأة هي كارثتها. مشكلة البشر منذ الأزل مشكلة اقتصادية. تتخفى في مشاكل أخرى وتندس تحتها. تسببها أو تؤدي إليها. الإنسان العالة تقل مرتبته وتتطامن بمقدار ثقله على من يقوم بإعالته. إذا بلغ اعتماده على الآخرين الدرجة القصوى فقد كل احترامه وتحولت العلاقة بينه وبين من يعيله علاقة سيد ومسود. كل أشكال الرق في التاريخ قامت بين من يملك ومن لا يملك. عندما تملك المال تملك القوة وتملك القرار وتملك حق إصدار الأنظمة والقوانين وفي أضعف الحالات تملك الاستقلال. في ظروف مضت تراوحت مكانة المرأة حتى من كانت تسمى حرة كانت مسترقة في ملابس سيدة. في المجتمعات الحضرية ترتفع درجة المرأة بحكم إسهامها في الإنتاج بينما في مجتمعات الفروسية والصيد تنحط قيمتها لأن الإنتاج قائم على الحرب أو المطاردة. الكلمة الأولى في تلك المجتمعات للقوة الجسدية. ستلاحظ في التاريخ أن تحسن موقع المرأة يسير مع تطور العقل. كلما زاد اعتماد المجتمع على العقل خف اعتماده على العضلات فينعكس تحسنا في التقدير والاحترام للمرأة. ما نلاحظه من احترام في الغرب وتقدير للمرأة لا يعود الفضل فيه إلى دعوات الليبراليين ولكن لأن المرأة استعادت كمية معتبرة من استقلالها.

في عصرنا هذا لا يوجد وظيفة لا تستطيع المرأة أداءها. لا أعرف ما هي أصعب وظيفة لكي أضرب بها المثل، لنقل قبطان حاملة طائرات. لم يعد في السفن ذلك الدركسون الهائل الذي كنا نراه في أفلام القراصنة. لم تعد السفن تواجه الرياح العاتية التي تتطلب عضلات الرجال للسيطرة عليها. كابينة القيادة في حاملة الطائرات أكثر راحة وفخامة من غرفة نوم أثرى داعية على وجه الأرض. شاهدنا جميعاً في بلاد كثيرة نساء يقدن تراكتورات وشاحنات ويعملن في السباكة والحدادة وغيرها من وظائف الأشداء. التكنلوجيا نفت الحاجة للقوة. لم تعد للعضلات من فائدة إلا للفرجة والاستمتاع كالمصارعة والملاكمة وغيرها.

جوهر مشكلة المرأة في الواقع اقتصادي، مهما تظاهرت في أشكال اجتماعية أو أيدلوجية أو عاطفية. خفض نسبة البطالة بين النساء له أثره البعيد في حياة المرأة والمجتمع. إدخال المرأة في قوة العمل اليوم لا يقل خطورة وأهمية عن صراع تعليم المرأة الذي اندلع في منتصف القرن العشرين.

استغرب قليل من الناس تصريح وزير العمل الذي قال فيه إن منع المرأة من قيادة السيارة لا أثر له في مشاكل توظيف المرأة. نعرف جميعاً بما فينا وزير العمل وحتى من جاء التصريح لطمأنتهم نعرف أن علاقة حرية التنقل بالعمل جوهرية. أيهما أولا. هل نبدأ بتوظيف المرأة أم ننتظر قرار السماح لها بالقيادة والتنقل. البيضة أم الدجاجة. علينا أن نتخذ القرار ونبدأ. بدأنا من التوظيف. كسب المرأة معاشها بنفسها سيزيل كل المشاكل والعقبات التي تواجهها. استخدم الأمير كلمة ابتلاع. حل جوهر المشكلة يشفي من كل الأعراض الجانبية.

بقلم: عبدالله بن بخيت - الرياض