النيل.. النهر الخالد

 النيل ذلك النهر العظيم الذي طالما أوحى للشعراء وألهم الأدباء وسحر الناظرين وبهر العاشقين، وأحيا بلاد الكنانة، بلاد الحضارة، والعلم، والثقافة، حتى قيل: (مصر هِبَةُ النيل).

هذا النهر له في وجدان كلّ عربي وخاصة السعودي، أعطر الذكريات، وأجمل التصورات (فمن شرب من مية النيل يرجع له) ويرجع مُحَمّلاً بالحب والشوق المضمخ بعبير الأنسام وحلاوة الأيام، ولمحمود حسن إسماعيل قصيدته الرائعة (النهر الخالد) شدا بها موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب ورددها الزمان ، أما الشاعر فهو مشهور بصوره المزخرفة وخيالاته المزركشة وقدرته على التجسيد الجميل :

(مسافرٌ زادهُ الخيالُ، والسحرُ والعطرُ والظِلالُ

ظمآنُ والكأسُ في يديه، والحب والفن والجمالُ

شابتْ على أرضهِ الليالي، وضيّعتْ عمرَها الجبالُ

ولم يزلْ ينشدُ الديارا، ويسألُ الليلَ والنهارا

والناسُ في حبهِ سكارى، هاموا على أُفْقِهِ الرحيبِ

آهٍ على سرِّكَ الرهيبِ، وموجكَ التائهِ الغريبِ

يا نيلُ يا ساحرَ الغيوبِ

يا واهبَ الخُلْدِ للزمانِ، ياساقيَ الحبِ والأغاني

هاتِ اسقني ودعني أهيمُ، كالطير في الجنانِ

ياليتني موجة فأحكي إلى ...لياليكَ ما شجاني

و أغتدي للرياحِ جارا وأسكب النورَ للحيارى

فإنْ كواني الهوى وطارا.. كانت رياح الدُّجى طبيبي

آهٍ على سرك الرهيبِ.. وموجك التائه الغريبِ

يا نيل يا ساحر الغيوبِ

سمعتُ في شَطِّكَ الجميلِ، ما قالتْ الريحُ للنخيلِ

يُسَبِّحُ الطيرُ أم يُغَنِّي، ويشرحُ الحبَ للخميلِ

وأَغْصُنٌ تلكَ أم صبايا، شرِبنَ من خمرةِ الأصيلِ؟

وزورقٌ بالحنينِ سارا، أم هذه فرحةُ العذارى؟

يَجري ويُجري هواك نارا.. حملتُ في سحرها نصيبي

يا نيلُ يا ساحر الغيوبِ)

بقلم: عبدالله الجعيثن - الرياض