الصندوق السيادي جزء من التحول الوطني

تصدر خلال اليومين الماضيين عناوين الأخبار المحلية والعالمية، لقاء ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان مع وكالة بلومبيرج، أفصح خلاله عن أهم وأبرز أجزاء برنامج التحول الوطني، الذي يزمع الاقتصاد الوطني في بلادنا تنفيذه خلال الأعوام القليلة المقبلة، على أنه يجدر التأكيد أن المعالم الكاملة للبرنامج الوطني الطموح لم يتم الكشف عنها حتى تاريخه، وأن ما تضمنه اللقاء الأخير على الرغم مما ورد فيه من تأكيدات بالغة الأهمية، ليس إلا عنوانا - إن صح التعبير - لمشروع وطني ضخم، ينتظر أن يتم التعريف الشامل به قريبا، بمشيئة الله تعالى.

إنه من الأهمية بمكان أن يتم الحديث والكتابة عن مشروع وطني شامل طموح، وأن يستمر ذلك الجهد من المختصين كافة، إيصالا لأهم وأبرز معالمه للمواطن والمواطنة، كونه الشريك الأول في تنفيذه والمساهمة في تحقيقه على أرض الواقع، وكونه أيضا المستهدف أيضا بجني ثماره ونتائجه الإيجابية المستهدفة. إضافة إلى أهمية إزالة أي معوقات أو مسببات لغموض المشروع على أي شريك في بلادنا العزيزة، وأن الجميع دون استثناء معني بالدرجة الأولى بكل تفاصيل هذا المشروع الوطني الطموح.


إن أجزاء كثيرة مما تم الإعلان عنه في أوقات سابقة فيما يتعلق بهذا المشروع الوطني، أؤكد أنها كانت في أغلبها طموحات وتطلعات طالما تناولها الاقتصاديون والمختصون بالحديث والتحليل، وطالما كانت هي مضمون كثير من طروحاتهم خلال العقد الزمني الأخير على أقل تقدير، لهذا تتصاعد أهمية دورهم في الوقت الراهن ومستقبلا وهم يشاهدون أغلب ما تم تناوله بالتحليل والنقاش طوال تلك الفترة الماضية، يتحول ويترجم إلى خطة عمل جادة تستهدف النهوض بمقدرات اقتصادنا الوطني، وترجمتها في الطريق السليم نحو التنمية الشاملة والمستدامة، التي تعزز بصورة أكبر من حياة أفراد المجتمع السعودي كافة.

إجمالا؛ لخصت صحيفة مكة في عددها الصادر أمس الأحد أبرز ما جاء في اللقاء الأخير لولي ولي العهد، في 17 محورا رئيسا، يمكن سردها على النحو الآتي:

(أولا) تأهيل الاستثمارات وتطويرها لتتحول بدورها إلى ركيزة أساسية تسهم بدخلها المتحقق في تعزيز الإيرادات الحكومية كبديل أقوى وأكثر استقرارا مقارنة بالدخل المباشر المتحقق من إيرادات بيع النفط.

(ثانيا) أن يتولى صندوق الاستثمارات العامة مسؤولية إدارة استثمارات المملكة داخليا وخارجيا بما فيها حصة المملكة في شركة أرامكو السعودية.

(ثالثا) تحويل "أرامكو" إلى شركة مساهمة من خلال طرح حصة من رأسمالها لا تتجاوز نسبة 5 في المائة من الشركة الأم للاكتتاب خلال عامين، وليس فقط مصافيها.

(رابعا) تحويل ملكية أسهم "أرامكو" إلى صندوق الاستثمارات العامة، الذي بدوره سيعظم من أصول الصندوق، وصولا إلى أن يصبح في إمكانه إدارة ثروات هائلة، يقدر أن يتجاوز حجمها سقف 7.5 تريليون ريال سعودي "نحو تريليوني دولار أمريكي"، ما سيؤهله لأن يصبح أكبر صندوق سيادي في العالم.

(خامسا) تحسين "كفاءة الإنفاق" للحكومة، من خلال تقليص الإنفاق الفعلي، وضبطه بالالتزام بمخصصات إنفاقه المقررة في الموازنة المالية الحكومية.

(سادسا) تقسيم استثمارات الصندوق جغرافيا، بحيث يخصص للاستثمار المحلي نحو 50 في المائة من إجمالي الأصول، والنصف الآخر للاستثمار الخارجي بحلول عام 2020.

(سابعا) أن الدولة ستظل المالك الرئيس لأسهم شركة أرامكو حتى بعد طرحها في السوق المالية، والتأكيد على أن كامل الحصة المتبقية من شركة أرامكو بعد الطرح ستعود ملكيتها إلى الحكومة، إلا أن إدارة تلك الملكية ستنتقل إلى صندوق الاستثمارات العامة ليتولى مهام ومسؤوليات إدارتها.

(ثامنا) سيتم طرح حصة صغيرة من اكتتاب "أرامكو" في سوق الأسهم السعودية "تداول".

(تاسعا) تحويل "أرامكو" من مجرد شركة للنفط والغاز إلى "شركة تكتلات صناعية في مجال الطاقة".

(عاشرا) سيتم العمل على توسيع عمل شركة أرامكو السعودية، ليشمل مجال عملها قطاعات البتروكيماويات والتكرير والمقاولات والإنشاءات.

(حادي عشر) تحويل شركة أرامكو إلى أكبر شركة تكرير للنفط في العالم، من خلال الاستثمار في المصافي خارجيا في الصين والهند وجنوب إفريقيا وإندونيسيا والولايات المتحدة.

(ثاني عشر) إنشاء شركة مقاولات كبيرة تكون تحت إدارة شركة أرامكو السعودية، تتولى تنفيذ المشاريع التنموية في المملكة، ودراسة جدوى طرح أسهمها للاكتتاب العام في السوق المالية المحلية.

(ثالث عشر) التأكيد على أن المملكة لن توافق على تثبيت إنتاج النفط الخام، إلا إذا قامت إيران وكبار منتجي النفط بنفس الخطوة.

(رابع عشر) الإشارة إلى احتمال أن ترتفع الأسعار العالمية للنفط خلال العامين المقبلين، مدعومة بنمو قوة طلب الاقتصاد العالمي.

(خامس عشر) التأكيد على أن المملكة لن تدعم نظام إدارة إنتاج الدول الأعضاء في منظمة أوبك، الذي يقوم على نظام الحصص.

(سادس عشر) أن المملكة ستتعامل مع السوق النفطية على أساس أنها سوق حرة يحكمها العرض والطلب فقط.

(سابع عشر) التأكيد على قدرة واستعداد اقتصاد المملكة لمواجهة فترة طويلة من تدني أسعار النفط.

إنها محاور يحمل كل منها - إضافة إلى ما سيتم إعلانه قريبا حول برنامج التحول الوطني - كثيرا من التفاصيل البالغة الأهمية، التي يجدر تسليط الضوء عليها تحليلا وقراءة ونقاشا، سيكون لها موقعها المهم - بمشيئة الله تعالى - مستقبلا، كلما سنحت الفرصة، أو تطلب الأمر الحديث عنها، وصولا إلى بلورتها وإشراك المواطن والمواطنة، كونهما الشريك الرئيس فيها، من خلال تعزيز فهمها ومعرفة حقائقها كما يجب أن تكون، وحتى يتحقق النجاح المأمول بإذن الله تعالى لها على أرض الواقع. والله ولي التوفيق.

بقلم: عبدالحميد العمري - الاقتصادية