المصممة الثورية.. «ملكة المنحنيات»!

رحلت زهاء حديد. المعمارية الثورية، أو «ملكة المنحنيات» كما توصف. أخذت الطابع التجريدي. تأثرت بالفلسفة التفكيكية في موجتها الكبرى بفرنسا في سبعينات القرن الماضي. تصاميمها تزيّن الشرق والغرب. ابنة بغداد، والمهاجرة إلى بريطانيا لم تقف عند حدود العمارة، بل اقتحمت عالم الموضة. وضعت تصاميم لأحذية. كانت هي الجسر بين الحضارات، وأرادت أن تثور على الطمس من خلال العمارة، أن تعوّض إرث العراق المنتهك، بخلود مبانٍ ستمر عليها أجيال متعددة، إنه خلود الفن. مبانيها الكبرى التي صممتها كُتب عنها الكثير، فهي أيقوناتٍ شاهقة في عواصم العالم.

عمارة زها حديد ينبض بالامتلاء، لكأنها تملأ فراغ ما، نزوع نحو الثورية في التصميم. وهذا يذكّر بالحوار حول «القصدية في العمارة» بين الفيلسوف الفرنسي جان بودريار، وبين المعماري الفرنسي جان نوفيل في كتاب «الأشياء الفريدة»، حيث يقول نوفيل: «إذا تحدثنا عن الاستعارات التي استطاعت العمارة أخذها من السينما، عندئذٍ يصبح مفهوم المشهد هاماً للغاية. تتيح لنا مفاهيم مثل الانتقال، السرعة، والذاكرة بالنسبة لمسار مفروض، أو بالنسبة لمساراتٍ معروف، تسمح لنا بتكوين فراغٍ معماري ليس انطلاقاً مما نراه فحسب، وإنما أيضا مما نسجله في الذاكرة، في تعاقب المشاهد التي تتسلسل على نحوٍ حسي».

زهاء كانت تطارد الفراغات، ترسم المنحنيات، تجرّد الإبداع، وتنفي الأهداف المحددة في الرؤية، جاعلةً الصرح هو من يتحدّث، والهندسة هي التي تحكي، وقد قالت هندستها كثيراً للعالم المليء بالدم والهدم.

بقلم: تركي الدخيل - عكاظ