لو حكمت النساء العالم

- الرجال أكثر عنفاً وتهوراً وقسوة من النساء..
- والرجال أكثر إجراماً وخروجاً عن القانون ويشغلون النسبة الأعظم من السجون..
- والرجال أكثر وفاة واستخداماً للأسلحة النارية وتعاطياً للكحول والمخدرات..
- كما يقتلون بعضهم البعض بنسبة تفوق النساء بمعدل 19 الى 1
- وبدافع العنترية والتهور يموتون قبل النساء بمعدل أربعة رجال لكل امرأة تحت سن الستين..
- ويصابون أكثر بالإيدز والزهري والسفلس كونهم الأكثر إقداماً على الخيانة الزوجية وإقبالاً على الخدمات الجنسية.
- وهم ليسوا فقط الأكثر تخلياً عن عائلاتهم وأطفالهم، بل والأكثر هلاكاً (للأسباب السابقة) وبالتالي ترك الأرامل والأيتام والمشردين خلفهم..

يحدث هذا في جميع المجتمعات الإنسانية وبصرف النظر عن طبيعة الثقافة أو قوة القانون أو مستوى التحفظ في المجتمع..

وكل هذا يجعلني أكثر إيماناً بأن العالم سيصبح أكثر أمناً وسلاماً لو حكمته النساء.. فالمرأة (التي لا تستعمل العنف لإثبات وجهة نظرها) ستكون أكثر حلماً وعقلانية في إدارة الصراعات الدولية.. راجع التاريخ لتكتشف كيف كانت بلقيس حليمة جداً في تعاملها مع الملك سليمان حين قالت(يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ. إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. أَلاَّ تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ).. لو كانت رجلاً لغضبت وثارت وجهزت الجيوش رداً على هذا التهديد الصريح.. ولكنها كانت حليمة وحكيمة وطلبت مشورة من حولها (يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تشهدون).. غير أن مستشاريها كانوا من الذكور الغاضبين فقالوا(نحن أولو قوة وأولو بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين) ولكن حدسها الأنثوي تغلب مرة أخرى فقالت(إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون).. وبفضل هذه السياسة الأنثوية الحليمة تحاشت الحرب والدمار وانتهت بعلاقة ود وزواج بسليمان عليه السلام..

خذ كمثال آخر كليوبترا التي تعاملت مع الاحتلال الروماني بحلم ودهاء مكنها ليس فقط من الاحتفاظ بعرش مصر بل والزواج من القيصر وإنجاب وريثه على عرش روما ودخولها لها دخول الفاتحين.. أيضاً هناك الملكة توميرس التي وقفت في وجه الاحتلال الفارسي وهزمت كسرى بعد أن أقنعته بضعفها.. وكذلك الملكة زنوبيا التي وقفت في وجة الامبراطورية الرومانية ووسعت بدهاء حكمها ليشمل معظم بلاد الشام..

وفي العصور الوسطى من ينسى إيزابيلا الأولى التي طردت المسلمين من أسبانيا وعرضت على ملك أرجون الزواج منها منشئة بذلك المملكة الأسبانية الحالية (بل وتبنت رحلات كولومبس فكسبت بذلك مستعمرات ضخمة في الأميركتين).. أما الملكة اليزابيث الأولى فعصت البابا ورفضت الخضوع للممالك الكاثوليكية وأصبحت إنجلترا بفضلها قوة بحرية واستعمارية عظمى.. وهناك الإمبراطورة كاترين التي حكمت روسيا حتى1796 وخلقت منها قوى عالمية جديدة حتى لقبت بكاترين العظمى.. أما الملكة فيكتوريا فبلغت إنجلترا تحت حكمها أعظم ازدهارها وأقصى توسعها لدرجة عرف عصرها بالعصر الفيكتوري..

أما في العصور الحديثة فمن ينكر صلابة جولدا مائير التي هددت الزعماء العرب عام 73 بإحراق عواصمهم بالقنابل النووية إن استمروا بمساندة الجيش المصري.. والزعيمة الهندية أنديرا غاندي التي أنشأت القوة النووية الهندية وهزمت باكستان وحكمت الهند بيد من حديد (بل وهددت بإخصاء الرجال إن لم ينخفض معدل التناسل في الهند).. وكذلك المرأة الحديدية مارجريت تاتشر التي أنقذت بريطانيا من الانحدار لمستوى الدول النامية وبلورت مصطلحاً جديداً في الاقتصاد يدعى المدرسة التاتشرية!!

.. وكل هذه الوقائع تؤكد أن الحديث الذي خطر ببالك منذ قرأت العنوان (ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) حالة خاصة بالقوم الذين يديرون بلاط كسرى (الذين تآمروا لاختيار امرأة ضعيفة من نسله يديرون من خلالها شؤون البلاد).. فمن يتأمل ظروف النص وسياق التاريخ يدرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصدر فعلاً تشريعاً يمنع المرأة من تولي شؤون الولاية العامة، بل علق على أزمة سياسية وصراع على كرسي العرش في بلاد فارس.. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه أكثر الناس فهماً لسياق الحديث كونه ولى أمر الحسبة ومراقبة الأسواق في عهده للسيدة "الشِّفاء بنت عبدالله بن عبد شمس"..

على أي حال؛ حتى من يحتج بهذا الحديث لا أظنه ينسى أن القرآن الكريم أثنى في المقابل على ملكة سبأ وزوجة فرعون وأم موسى ومريم بنت عمران وأن التاريخ مايزال يسجل تفوق المرأة النسبي منذ الملكة بلقيس، وحتى أنجيلا ميركل زعيمة ألمانيا الحالية!!

بقلم: فهد عامر الأحمدي - الرياض