يسألك: هل أنت سعيد؟

هناك يوم عالمي خصصته الأمم المتحدة للسعادة. فكرة لطيفة، ولكن ماذا عن بقية أيام السنة؟

اليوم هو 20 مارس (آذار) من كل عام، والفكرة انطلقت من مملكة صغيرة بجبال الهيمالايا، هي مملكة بوتان، التي جعلت تحقيق السعادة من بنية دستور البلاد.

ما هي السعادة؟ كيف تقاس؟ ما هو مؤشر قياس السعادة الذي يتحدث عنه الخبراء؟ هل السعادة قابلة للقياس أصلا؟

اختلف فلاسفة أثينا من العصور القديمة حتى خبراء التنمية والاقتصاد في حاضرنا في تحديد معالم السعادة.
بعضهم يرى أن السعادة تنبع من الكفاية المالية، والصحة الجسدية، والاستقرار الأسري.
البعض يراها في خوض المغامرات وركوب المخاطر ثم النجاة منها، ملامسة حافة التهور دون الوقوع بغيابة الجب.

البعض يراها في ركوب عربات نزار قباني التي لم تدع أرضا سمراء أو بيضاء، إلا ومرت فوقها، ولا شك أن هذه أتفه صور السعادة.

لكن ما لا ريب فيه أن كل هذه الصور للسعادة لن تتجسد دون وجود حياة طبيعية تمنح المرء القدرة على تحديد طريق سعادته، وهذه الحياة الطبيعية مستحيلة التحقق من دون وجود الأمن وحكم القانون.
تغلغل السعادة في المجتمع هو مثل تشبع الجسم من الأكسجين النقي، إذ إن السعادة هي التي تجعل التشبث بالحياة أمرا دائما ومستمرا، والتشبث بالحياة ترياق الوقاية من الكآبة وكراهية الحياة، والأخيرة مفتاح كل الشرور السوداء.

من هنا كان سؤال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي ونائب رئيس دولة الإمارات، لسكان إمارة دبي عن مدى شعورهم بالسعادة في دبي، سؤالا جوهريا أساسيا، سؤال حاكم، وليس مجرد قصيدة شاعر.
أطلق الشيخ محمد بن راشد قبل أيام استبيانًا، يهدف لمعرفة مدى رضا السكان عن حياتهم في المدينة. شرطة دبي على الفور أرسلت رسائل نصية لأهالي دبي من مواطنين وغيرهم تتضمن هذه الاستبانة. يعني المسألة جد، فيها أرقام تنبني عليها نتائج.

تحقيق السعادة للشعب يعتبر من أبرز مقاييس نجاح أي حكومة في العالم. البروفسور الأميركي جيفري ساكس من جامعة كولومبيا وهو معني بموضوع تحقيق السعادة وملاحظة قياس مؤشر السعادة، قال إن نجاح أي حكومة في العالم، مرهون بارتفاع مؤشر السعادة لدى الشعب، بل سمى ذلك «الناتج الإجمالي للسعادة»، واعتبره أهم من الناتج الإجمالي الاقتصادي. كما شرح ذلك بمتعة في جلسة القمة الحكومية في الإمارات في فبراير (شباط) 2014.

الإنسان السعيد، بأي تعريف للسعادة، هو إنسان آمن، يشيع الأمن فيما حوله.
كلمة سهلة، لكنها مهمة صعبة، مهمة الحكومة الناجحة.


بقلم: مشاري الزايدي - الشرق الأوسط