هل سيتهاوى النصر؟!

ليس من قبيل المبالغة القول الآن بأن غالبية جماهير النصر باتت تستشعر فقدان لقب الدوري بعد عامين من القبض عليه إثر التعادلين في أولى مباراتيه في الدوري أمام هجر والقادسية، وهما الناديان اللذان يدخلان سباق المنافسة لضمان البقاء في الدوري وليس المنافسة عليه.

نتفهم جيدًا مشاعر الجماهير الصفراء وشعورها بعد فقدان أربع نقاط ثمينة في أول مباراتين، ومن فريقين يفترض عرفاً أن حصد نقاطهما لا يعدو مسألة تأدية وقت المباراة، ونتفهمها أكثر وهي التي ما كادت تستفيق من الضربة الموجعة في نهاية الموسم الماضي حينما خسر فريقها كأس الملك بهدف "جحفلي" القاتل حتى جاءتها قاصمة الظهر بخسارة "سوبر لندن" بكل ما فيه من دلالات.

منطقياً يبدو شعور النصراويين بفقدان اللقب بعد التعادل في أول جولتين من عمر الدوري الطويل شعور مبالغ فيه، ويأس مبكر لا مبرر له، لكن المشاعر في كرة القدم لا تبنى بالضرورة على المنطق كما لا تبنى في كثير من الأحيان على الحسابات غير أن الوقائع الملموسة في النصر تدفع باتجاه هذا اليأس وتشجع على ذلك الإحباط.

أهم تلك الوقائع وجود المدرب الأوروغوياني خورخي داسيلفا الذي أصبح يتفنن في استفزاز مشاعر النصراويين، وكأنه يخطط لها أكثر من تخطيطه للفرق المنافسة، وهو الذي لم يعد بالإمكان منحه أي ورقة ثقة جديدة بعدما أحرق كل أوراق الثقة التي منحت له من قبل، فيكفي تسببه في خسارة الفريق لأربعة استحقاقات منذ التعاقد معه في الموسم الماضي، وهي كأس ولي العهد، وكأس الملك، ودوري أبطال آسيا، وأخيرًا كأس السوبر.

ثمة أمور يحاول المسوقون لقناعات رئيس النادي بالإبقاء على المدرب تكريسها وهم يطالبون الجماهير بالصبر على الواقع المر مثل الإصابات التي داهمت بعض اللاعبين المؤثرين منذ الموسم الماضي مثل إبراهيم غالب واحمد الفريدي، والإيقافات التي فرضت على لاعبيه الثلاثة حسين عبدالغني وحسن الراهب ومحمد عيد، والتأخر في الإعداد، ومستوى الأجانب، وهي أمور صحيحة، لكن الصحيح أكثر أن داسيلفا لم يكن مقنعًا في إدارة الفريق حتى مع تكامل الفريق في الموسم الماضي عناصريًا وبدنياً فلم يكن النصر كما هو النصر مع كارينيو ذلك الفريق المقاتل والممتع.

قلت في نثار سابق إن مدرب الفريق الأسبق الأوروغوياني كارينيو خلف وراءه بعد أن حزم حقائبه دجاجة تبيض ذهبًا، ونعني بذلك الفريق القوي الذي حقق معه الدوري قبل عامين، وهي الدجاجة التي باضت لداسيلفا بطولة الدوري في الموسم الماضي، لكن يبدو أن هذه الدجاجة مهددة بالعقم ما لم تخضع للعلاج السريع والفعال، والعلاج لن يكون ببقاء داسيلفا بل برحيله، ليس لأنه تعادل في المباراتين الماضيتين، وليس لأنه خسر كل تلك الاستحقاقات، بل لأن فاقد الشيء لا يعطيه.

سئل الأسطورة الألمانية فرانس بكنباور عن المدرب الفذ فقال: "ليس من يملك الشخصية النافذة كقائد لكتيبة جيش، وليس من يضع الخطة الناجحة كمخطط استراتيجي في شركة، وليس من يرسم جماليات الأداء ويتحكم فيها كفنان تشكيلي، المدرب الفذ هو من يملك كل ذلك وأكثر"، وننظر إلى داسيلفا فلا نرى فيه شيئا من ذلك، فهو مدرب بلا شخصية واضحة، وبلا فكر ملموس، ويبدو لنا أنه إن كان قد تميز في شيء، ففي تشويه الجمال بل وقتله، وهو ما ينذر بتهاوي النصر إن لم يرحل هذا الأوروغوياني البطين.

 نقلاً عن صحيفة "الرياض"