الحبة السحرية الآمنة

تخيل لو اخترعوا "حبة" يمكنها تخفيض وزنك مهما أكلت.. صحيح أن هناك حبوباً وعقاقير وخلطات تدعي جميعها تخفيض الوزن، إلا أنها في الحقيقة غير فعالة أو غير آمنة أو ذات فعالية موقتة (ولو كان هناك شيء كهذا كان علمت به المذيعة البدينة والثرية جداً أوبرا وينفري على حد قولها)..

والحقيقة أنه خلال تاريخ البشرية الطويل لم يسبق أن كانت السمنة بهذا الانتشار والتفشي.. فقد تحولت اليوم الى "وباء" عالمي حيث يصنف 61% من مجمل البالغين في أمريكا كبدناء، وفي روسيا 54% وفي بريطانيا 51% وفي النمسا 50%..

أما في السعودية فيعاني 18% من الرجال و28% من النساء من البدانة المفرطة (وهناك فرق بالمناسبة بين السمنة المعقولة والبدانة المفرطة) في حين تبلغ النسبة في الامارات 16% للرجال و 38% للنساء، وفي الكويت 32% للرجال و44% للنساء!

وما يبدو لي أن رخص ووفرة الغذاء هذه الأيام هو السبب الأول في زيادة أوزان البشر.. فقد انتهى زمن المجاعات الدورية بحيث يموت عشرين مليون إنسان دفعه واحدة (كما حدث في الصين عام 1969) وتحول الوضع بسرعة إلى مجتمعات متخمة مثل (أيرلندا وبلغاريا وبلجيكا) حيث يستهلك الفرد أكثر من 3750 سعره حرارية - في حين لا نحتاج لأكثر من 2000 سعرة في اليوم!

وبالطبع؛ النصائح لا تنتهي حول أنواع الريجيم وأساليب التخلص من الدهون، ولكن المؤكد أن فكرة ابتلاع حبة ما، هو أسهل طريقة مفترضة لتخفيض الوزن.. وهذا الحلم الجميل لا يراود أصحاب الأوزان الثقيلة فقط بل وشركات الأدوية ومراكز البحث الطبي. فعقار من هذا النوع يعنى بالنسبة لها أرباحاً طائلة ومكاسب مضمونة.. وقد ظهرت بالفعل أدوية وعقاقير لهذا الغرض بعضها نجح جزئياً ومعظمه تم سحبه من الأسواق بسبب أضراره على الكبد والقلب وبقية الأعضاء الحيوية..

وهناك مجموعتان أساسيتان من عقاقير تخفيض الوزن.. المجموعة الأولى تعمل من خلال إنقاص الشهية نحو الطعام، والثانية من خلال تمثيل الغذاء أو خفض نسبة امتصاص المواد الدهنية في الأمعاء (وأعتذر عن ذكر الأسماء العقاقير كون معظمها غير آمن أو يتطلب وصفة خاصة من الطبيب)..

وتعمل الأدوية المثبطة للشهية من خلال التأثير على المركبات الدماغية ذات العلاقة فى المخ هذا يعني أنها تأتي بمستوى العقاقير النفسية ولا يمكن وصفها دون وصفة رسمية.. أما أدوية النوع الثاني فتحد من امتصاص الطعام والدهون فى الأمعاء -وتقوم بذلك من خلال تفكيك الأنزيمات التى تساعد على امتصاصها أو تمثيلها- وتباع غالباً دون وصفة أو في متاجر المكملات الغذائية..

وأنا شخصياً أملك قناعة حقيقية بأن البدانة ستختفي نهائياً في المستقبل القريب -ليس لأن أحفادنا سيصبحون أكثر نشاطا وأقل التهاماً- بل لأن علم الصيدلية سيتوصل إلى الحبة السحرية الآمنة خلال الثلاثين عاماً القادمة..

ومن يدري؛ ربما سيتم اكتشافها بالصدفة قبل ذلك بكثير كما حدث مع حبة "الفياجرا"!

 نقلاً عن صحيفة "الرياض"