على الدنيا السلام

إذا أردت إماتة أي مجتمع فاقطع وريد أحلام شبابه.

ونحن مجتمع نسبة تعداد الشباب فيه تصل إلى 56%، وكل المشاكل المعوقة لنمو الحياة هي من نصيب هذه النسبة، وإلى الآن لم تنهض الوزارات أو المؤسسات المعنية بدورها الحقيقي في نمو المجتمع نموا حقيقيا يستغل طاقة الشباب في صياغة ذلك المستقبل؛ بسبب تعطل الخطط والمشاريع المستقبلية للشباب.

تعالوا نكاشف أنفسنا بهذا الواقع، فعندما يصل الشاب إلى سن الـ(35 عاما)، وهو ما زال يبحث عن عمل، وما زال يحلم بالعروس والبيت والأسرة، فهذا يعني أن خللا يجري من غير الوقوف عليه.
فإذا بلغ الشاب هذا العمر وهو لا يزال خارج الفعل الحياتي، فهذا يعني بالضرورة وجود خطأ تخطيطي على مستوى التنمية..

وإذا وجد عشرات الآلاف من الخريجين لا يعملون، فهذا يعني أن الحياة توقفت في عشرات الآلاف من الممرات، وإذا قلنا إن هناك مئات الآلاف من الشباب يعملون بدخول متواضعة، فهذا يعني أن هناك مئات الآلاف من الحيوات غير القادرة على تحقيق الحد الأدنى من الرفاهية الذاتية..

وهذا يعني بالضرورة أن مئات الآلاف من الشباب غير قادر على الارتباط الأسري وإقامة حياة أسرية جديدة، يقابل هؤلاء الـ(ألوف) المؤلفة (غير العاملة أو العاملة بدخول متواضعة) ألوف مؤلفة من الصبايا اللاتي ينتظرن من يتقدم لهن لبناء أسرة جديدة..
وعندما يتعذر تكوين خلية الأسرة، فهذا يعني أن المجتمع يتحلل بصورة أو بأخرى.

ولو قامت هذه الأسرة من خلال القروض طويلة المدى (كما هو حادث من خلال القروض البنكية)، فهذا يعني قيام أسرة مخنوقة اقتصاديا من الوهلة الأولى، ولن تستطيع السير لمسافة طويلة في ظل الالتزامات المرافقة للقرض الأساس من إيجار منزل وتكاليف حياة معيشية لا يتحملها دخل الشاب..

من هنا ينشأ الإحباط والتخبط والبحث عن موارد اقتصادية (تعدل الميزان)، وإذا كانت الوظيفة ذاتها لا تحقق الاستقرار المعيشي (في ظل ندرتها)، فكيف يمكن الحصول على مورد دخل إضافي..

هذا ونحن نتحدث عمن يعمل ووصل إلى مرحلة تكوين أسرة، فكيف هو الحال بالشباب الذين لم يجدوا عملا إلى الآن؟.

وأتمنى أن لا يظن أحد من القراء القادرين ماديا أننا نتحدث عن شباب المريخ، فأنا أتحدث عن شبابنا هنا، في كل مدينة وقرية، شباب (مثل الورد) يبحثون عن أي منفذ هربا من الإحباط..

وأعتقد أن الخطط التنموية كما تحرص على بناء البنية التحتية عليها أن تلتفت لبناء البنى التحتية لنفسيات الشباب وأن توجد المشاريع الحقيقية لانتشال أحلام الشباب ودفعهم لبناء حياة أسرية قادرة على أن تكافح.

فالإنسان إذا رأى أنه بالإمكان أن يحلم ويحقق الحلم، فلن يتقاعس في كفاحه، لكن الكارثة لو أن هذا الإنسان أيقن من استحالة تحقيق الحد الأدنى من الأحلام المشروعة.. عندها على الدنيا السلام.

نقلاً عن صحيفة "عكاظ"