حرائق من العالم الآخر

كانيتو بلدة صيادين صغيرة في جنوب إيطاليا سمع بها العالم كله في عام 2007 .. ففي مطلع ذلك العام بدأت نيران غريبة تشتعل في بيوت الناس.. وصل الأمر الى أربعين حريقا في اليوم بلا سبب واضح .. كان الأمر أكبر من قدرات الاطفاء المحلية على تحمله فوصلت فرق إطفاء مساندة من نابولي والمدن المجاورة.. اضطرت السلطات الى اغلاق شبكة الكهرباء تماما عن البلدة ولكن دون فائدة.. أذكر أنني شاهدت فيلما عن هذه الظاهرة كانت فيه النيران تخرج من وسط الأثاث بلا سبب واضح في حين أخرج رجال الاطفال مكيفا بدأ يذوب ويقطر من شدة الحرارة.. وحين اشتعلت النار في الكنيسة تأكد الجميع أنها بسبب الشيطان فأرسل الفاتيكان رجال دين متخصصين لطرده من المكان.. وصل البابا بنفسه ومنح بركته للشوارع والبيوت ومدارس الأطفال ولكن دون فائدة. وفي ظل عجزها عن فعل شيء اضطرت السلطات لاتخاذ اجراء جديد قاس (إخلاء المنازل والبلدة بأكملها من الناس).. وخلال الأربعة أشهر الأولى من العام أصبحت كانيتو (أو Canneto لمن يفكر في البحث عنها) بلدة خاوية حتى لاحظ الناس انحسار الظاهرة فعادوا الى منازلهم!!

.. التفسيرات تراوحت بين حرب شيطانية الى أطباق فضائية وانتهاء بتجارب كهرومغناطيسية تقوم بها القاعدة الأميركية جنوب نابولي .. ولكن الحقيقة هي أن أحدا لا يعرف السبب حتى اليوم!

.. وقبل أن تستغرب أكثر أشير الى أن ما حدث في بلدة كانيتو ظاهرة تتكرر بشكل يومي في أنحاء كثيرة حول العالم.. غير أننا لا نسمع بها غالبا لأنها تنتهي بسرعة أو تظهر على نطاق محدود أو يكتفي الناس بتفسيرات رجال الاطفاء الجاهزة.. لا تبدأ بلفت الانتباه إلا حين تحدث لفترة طويلة وعلى نطاق واسع كما حدث في سانت دياجو عاصمة تشيلي عام 2001 .. فخلال شهري أبريل ومايو اندلعت حرائق مجهولة المصدر بنسبة عالية بنفس السيناريو .. تظهر أولا كبؤر سوداء ساخنة قبل أن تتحول الى نيران أمام أعين الناس وكاميرات التلفزيون..

والعجيب أكثر أن صحيفة التايمز الهندية تحدثت (في نفس الفترة تقريبا) عن ظاهرة مشابهة وقعت خلال شهر أبريل في قرية نارندارا.. وقالت التايمز ان هذه النيران مجهولة المصدر وتظهر أمام عدسات المصورين ويصعب إطفاؤها مهما سكب عليها من ماء. وقد أثارت الظاهرة رعب القرويين ما اضطر معظمهم للنوم ليلا في المزارع (حسب موقع الصحيفة في 18/4/2001)!

.. ولِمَ نذهب بعيدا أيها السادة؟!

أنا شخصيا كتبت (قبل عشرين عاما في جريدة المدينة) عن محنة مواطن من الحناكية (قرية قرب المدينة المنورة) ابتلي بحرائق مجهولة تندلع في بيته بين الحين والآخر. وفي حين عجز الجميع عن تفسير ما يحدث بقي رجال الدفاع المدني مرابطين أمام منزله لإطفاء أي حريق محتمل .. ولم تنته هذه الحالة إلا بعد أن افترض الشيخ "العمري" أنها من أفعال الجن وكافحها لعدة أيام على هذا الأساس (وكانت هذه الحادثة بداية شهرته كمستخرج للجن)!

.. الحقيقة هي أنه لا أحد متأكداً فعلا من السبب رغم أن 30% من الحرائق تصنف تحت خانة "مجهولة المصدر" أو "لسبب غير معروف"!

.. خطر ببالي الآن تخصيص مقال الغد لأغرب الفرضيات التي ظهرت بهذا الخصوص..

* نقلاً عن صحيفة "الرياض"