الخليج وإعادة تسعير الوقود

للمرة الرابعة ترفع دولة الإمارات أسعار الوقود للسيارات، وترفع السعر للمرة الثانية خلال ثلاثة أعوام، وقد تتجه أو توجهت بعض دول الخليجية لنفس المسار التغيير السعري كالكويت، السؤال هنا لماذا دول خليجية "غنية" بالنفط والمال وترفع أسعار البنزين أو الطاقة الخاصة بالسيارات، هي لم ترفع على الكهرباء مثلا وتوليدها وهي التي تعتمد على النفط الثقيل أو الغاز، ولم ترفع على تحلية المياة وأهميتها كبيرة، بل التركيز على البنزين ومشتقاته. المبرر بالإمارات أجده واضحا وكبيرا، فالأول هو ضبط الإسراف والاستهلاك الذي ينمو سنويا، وأيضا تحقيق الوفر المالي للحكومة لسبب أن أسعار النفط أصبحت اليوم كمصدر تمويل للدولة قد تراجع أسعاره عالميا لنسب تفوق 40% وقد تزيد أو تقارب هذه المستويات، وهذا مبرر في ظل دول الخليج نسبة المقيمين الأجانب يصل بها ما لا يقل عن 30% كالسعودية أو تصل 70% أو اكثر كالإمارت أو الكويت، وهذا يجعل استنزاف النفط عاليا جدا بأسعار متدنية، ومع وجود النقل العام بالإمارات " كالمترو – الباصات – وغيرها " فهي تملك المبرر الأعلى في رفع السعر للبنزين وما في حكمها، بالتالي تقنين الاستهلاك وتوفيره، وأن يكون مكلف نسبيا، رغم أن هذه الارتفاعات تظل ضعيفة مقارنة بدول أوروبا أو بعض دول الشرق الأوسط، ودول الخليج تتميز بأنها لا تفرض ضرائب من أي نوع على المواطنين كضريبة دخل أو نحو ذلك، وهذا يضع الرفع السعري لا يشكل رقما كبيرا للغالبية.

بالمملكة لدينا ظل سعر البنزين الأقل عالميا أن لم نكن ثاني أرخص دولة بالعالم طبقا لما نقرأ، والدولة تتحمل تكاليف باهظة بذلك، وبمليارات الريالات، وقد نكون الأكثر تبريرا لحاجة رفع السعر، رغم ان ذلك ضد رغبة الناس وهو طبيعي عملية الرفض والقبول لأي تغيير سعري بالزيادة، ولكن الحاجة الوطنية تفرض تغييرا سعريا للأعلى مستقبلا، فإيراد النفط تراجع 40% وأكثر، حجم الاستهلاك عالٍ جدا بغياب النقل العام الشمولي وهو منتظر أن يدخل النقل العام والقطارات بين المدن ونأمل معها توفير ملايين من براميل النفط سنويا، وهذا يوفر على الدولة أموالا ضخمة تذهب لدعم الطاقة وأخذ حصة من التصدير فيتحول ما يوفر من نفط إلى طاقة وقوة تصدير مستقبلية مع حجم التفاؤل العالي بالنفط مستقبلا وحاجتنا للتصدير أكثر مع ارتفاع المصروفات، وأيضا ارتفاع الاستهلاك السنوي من النفط بمعدل يقارب 7% أو نحو ذلك مما يلزم رفع الطاقة الانتاجية، نحن بحاجة لكل برميل نفط ليكون مصدر دخل وإضافة، والدولة تراعي المواطن بعدم تحمليه أي تكاليف مضافة وهو ما هو حاصل اليوم ومن سنوات ولازال، الدولة تتحمل مئات المليارات على مر السنوات دعما للطاقة ليس البنزين فقط بل الكهرباء أيضا وتحلية المياه وغيرها، وكلها يمكن ان تصبح مصادر دخل للدولة كما هو مطبق في كثير من دول العالم.

النفط مصدر تمويل الموازنة، ويجب أن نحقق أكبر استثمار ومكاسب من خلاله، إما بتوفيره للمستقبل، أو عدم الاستهلاك العالي والمتسارع والمكلف جدا على الدولة، حتى لا نصل مرحلة الاستهلاك وعدم القدرة على بيع النفط خلال عقود من الزمن ولا تستنزف الدولة مواردها، فهي تتحمل الكثير سابقا واليوم بمئات المليارات دعما للمواطن.

* نقلاً عن صحيفة "الرياض"