الوقوف الخاطئ

أعاني يوميا - كما هي حال أغلب سكان الرياض - عملية الخروج من الدائري إلى أحد تفرعاته. يقع عند المفرق مطعم تعلقت به قلوب الشباب. شباب لا يغادرون سياراتهم ولا يهمهم من يتأثر بذلك.

أعتقد أن هذه المشكلة يعانيها أغلب ساكني مدننا، مع أنها غير موجودة في أغلب دول العالم. السبب هو أن الشخص ليس لديه مانع أن يقف على بعد 300 متر عن المكان الذي يريد. لكن لماذا؟

إنه التنظيم والقانون الذي يجعل الناس ينضبطون. العالم لا يصلح دون قوانين، كما لا تنفع القوانين عندما تنتهك دون أن تلتزم الجهات التنفيذية بإيقاع العقوبات على مخالفيها. إذا لا يكفي أن تضع نظاما متكاملا، ما دام هذا النظام لا يحظى بالحصانة التي تضمن عدم انتهاكه.

يشاهد الواحد منا تلك المخالفات ويستهجنها، لكنه ما يلبث أن يخالف متى ما أتيحت له الفرصة. هذه الحالة نوع من الفصام الذي تعانيه أكبر شريحة من الناس - ولا أبرئ نفسي - لأنه كما أسلفت لا توجد حصانة كافية تحمي القوانين من الانتهاك. كما أنها من الغرائز البشرية التي يمكن أن تظهر في سلوك أشخاص عاشوا في دول تطبق القوانين بصرامة.

ما إن يجد الإنسان الفرصة لتحدي النظام، فهو - غالبا - يستغلها كما يحدث ممن نشاهدهم من المقيمين الذين لا يمكن أن يتجرأوا على المخالفة في دولهم كما يفعلون لدينا، ونشاهد عكسه لدى مواطنينا عندما يسافرون إلى دول أخرى. أستثني من هذه المفارقات الأشخاص الذين ترسخت لديهم فكرة احترام القانون بغض النظر عن التطبيقات - وهم قلة.

إذا ليس مستغربا أن نرى تلك التجمعات الهائلة من السيارات التي تحاول العبور ولا يمنعها سوى شاب أو سائق أو كبير سن يطلب من العامل "شاورما". كما لن يستغرب الواحد عندما يحاول اللحاق بالصلاة في أغلب المساجد فلا يستطيع أن يعبر بسبب وقوف السيارات في الشارع. ذلكم أمر يتعلق بفقه المعاملات وهو مهمل عندنا.

الحل في رأيي هو أن تعطى الشركات فرصة إدارة عمليات الوقوف هذه، وقد تكون البلديات أقرب الجهات التي يمكن أن تخطط المدينة وتقسم مربعاتها بين مجموعة من الشركات والمؤسسات المتخصصة لتجهيز المواقف وتطبيق العقوبات على قاعدة "ساهرية".

* نقلاً عن " الاقتصادية"