المواطن بين المسؤول والمنتفعين

حينما يكلف المسؤول بمنصب كتشريف وثقة ممنوحة، فالبعض يتهيأ نفسيا مع المعتقد الاجتماعي الخاطئ الذي يعزز الفوقية والاستعلاء لأصحاب المكانة الاجتماعية، فيما يتحول الجانب الآخر إلى أفراد متسولين لحقوقهم، ثم تبدأ ممارساته السلوكية والناتج الفعلي لأدائه العملي بطريقة لا تخرج عن إطار التباهي بالمنصب، فتصيب عدوى "معاليه" بشكلها الهرمي على جهازه الإداري، ويصبح مبنيا على تلك الصورة، وقد يعدّها البعض فرصة شخصية للتسابق الحميم من أجل الترقية لمنصب أفضل، أو غنيمة يستأثر بها ويصدر مكاسبها للمقربين باستغلال الواسطة والمحسوبية.

هناك فراغ بين المسؤول والمواطنين، فضلا على أن المنتفعين حول المسؤول هم من يعزز هذه الفجوة، كأمثال صاحب العبارة الشهير من مرافقي وزير الصحة السابق "الوزير ليس شمسا شاردزة" تراخيا مع معالي الوزير الذي لا يتمتع بمهارة الذكاء العاطفي والاجتماعي في التعامل، كما ظهر لنا على الأقل في ذلك الموقف.

الوزير ليس بشمس شارقة، ولكنه لم يستطع أن يعالج موقفا بسيطا حدث بينه وبين مواطن، لأنه حين يعاني من تضخم الأنا والذاتية والتمركز حول الذات، فهذا يعني أنه غير مهيأ للتعامل مع الجمهور، ولا يملك مهارة الاتصال الفعالة التي تعد من أدوات التغيير والتطوير والتفاعل الجيد بين الأفراد والجماعات، فضلا على أن الثقافة الشخصية من المكونات المهمة للسلوك الإداري وصناعة القرارات التي تنعكس على شخصية المسؤول.

المواطن اليوم على قدر من الوعي يجعله يستنكر سوء المعاملة، ويتجاوز العبارات والوعود التي يطلقها بعض المسؤولين كاستهلاك إعلامي، وهذا ينتج أزمة في الثقة بين المواطنين والمسؤولين، ينتج عنها قلة في قابلية الفرد لتقديم التعاون إذا كنا نؤمن أن المواطن شريك إيجابي، وأما بعد هذا الموقف فليس لدى المسؤول خيار آخر سوى المصداقية وحسن التعامل والشعور بالمسؤولية تجاه حاجة المواطن، وتذويب الفروقات، وذلك من أجل الإسهام في تأسيس شراكة مجتمعية تتخطى أزمة ضعف الأداء الإداري وقلة الإنتاجية والكفاءة في القطاع الحكومي، وإلا سيصبح الجهاز الحكومي معزولا عن تفاعل المواطنين، وبالتالي مقصرا في تلبية حاجاتهم، ومن ثم يصبح مثارا للانتقادات وانعدام الثقة. 

نقلاً عن صحيفة "الوطن"