من أجل إنقاذ اليمن

منذ أول لحظة لانطلاق عاصفة الحزم والهدف للقيادة السعودية واضح، سواء أعلنت عن مقاصدها أو تركت التكهنات جانبا، فمن المعلوم بأن اليمن واستقراره يمثل استراتيجية عميقة لأمن المنطقة، حتى إذا عصفت الأحداث به كانت سياسة المملكة تسعى لتجاوز مشاكل اليمن، وكثيرا ما تدخلت بإصلاح ذات البين بين الفرقاء المختلفين، وكان آخر تدخل لدول مجلس التعاون الخليجي (برعاية السعودية) في فبراير 2012 للقضاء على الخلافات التي أفرزها الشأن الداخلي بين الثوار وعلي عبدالله صالح.. من خلال خلق مبادرة تتفاعل بين الأطياف السياسية وإنهاء الخلافات التي يمكن لها أن تعصف باليمن نحو كارثة تؤدي بالبلد إلى منزلقات خطيرة، فاستطاعت المملكة الوصول بالمختلفين إلى اتفاقية تنقل السلطة بيسر لغلق باب الفتنة برغم الصعوبات المحيطة بدول الثورات التي مزقت النسيج العربي.

وكانت المملكة شاهدا على المآلات التي أفضت إليها النزاعات بسبب تغول الحوثيين وسعيهم الحثيث لابتلاع البلد وإرضاخ الآخرين لتعنتهم، والذي أفسد الفسيفساء التي تتشكل منها الأطياف السياسية، علما أن الحوثيين لا يشكلون إلا نسبة 7% من السكان.
استشعار المملكة للخطر المهدد لليمن واتخاذها القرار الصارم (بعاصفة الحزم) لإنقاذ المنطقة وتشكيل قوة عربية صانعة ظروفا إقليمية عربية استساغها بعد ذلك كثير من الدول.. وهذا إثبات أن اتخاذ القرارات يجب أن يكون حازما بلا تردد أو وجل، فكانت النتيجة ــ ولأول مرة ــ أن العالم العربي شكل قوة عسكرية تواجه الخطر المحتمل بثقة تنبئ بمستقبل لهذه القوة لتسيد الشأن العربي بعيدا عن أي أطراف دولية خارجية.

ومنذ انطلقت عاصفة الحزم والملك سلمان يؤكد على أن المملكة ليست طالبة لحرب ولا تريد الضرر بممتلكات اليمن وشعبه، وأن الحل العسكري جاء ليضغط على الحوثيين ليذهبوا إلى طاولة الحوار السياسي من أجل تجنب زعزعة أمن واستقرار المنطقة.
وعاد الملك سلمان ليؤكد دعوته بأن باب الحوار ما زال مفتوحا ويرحب بأي مبادرة حسنة النية لتلمس طريق الحل لإنهاء الصراع الذي يحمل في طياته المزيد من الضرر باليمن وشعبه.

وعلى اليمنيين الالتفاف حول مصالح بلدهم لتجاوز المخاطر التي تهدد مستقبلهم، وذلك من خلال التوافق والحوار بين القوى السياسية على قاعدة المصالح الوطنية، مع معالجة المشاكل المختلفة التي أفرزتها الصراعات السياسية والعسكرية السابقة والقفز على ما أحدثه الحوثيون من دمار شامل.

نقلاً عن صحيفة "عكاظ"