أصبحت الأرض تأكل وتشرب

أول أمس أصدر مجلس الوزراء الموقر برئاسة خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله قراره المهم والحاسم والمنتظر والخاص بالأراضي البيضاء «حول توصية مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بفرض رسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني للمدن والمحافظات والمراكز، حيث وافق مجلس الوزراء على قيام مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بإعداد الآليات والترتيبات التنظيمية لذلك، ورفع ما يتم التوصل إليه إلى مجلس الوزراء تمهيداً لإحالته إلى مجلس الشورى لاستكمال الإجراءات النظامية في هذا الشأن بشكل عاجل» ،هذا القرار والذي سيكون مفترق طريق مهماً في الإسهام بحل أزمة السكن، والذي سيبنى عليه كما يتوقع تحول مهم في الملكية للأراضي، وبالتالي المساهمة بحل أزمة السكن التي أصبحت تكبر مع الزمن بلا توقف، وكما يتوقع أن يصل عدد الوحدات السكنية المطلوبة في عام 2025 إلى 4 ملايين وحدة سكنية «المصدر مقال الدكتور فواز العلمي «، ونأمل مع هذا القرار بفرض الرسوم أن تتغير معادلة تكلفة الأرض مقارنة بقيمة الوحدة السكنية لكي تصبح بالنسب المقبولة دوليا والمتعارف عليها وهو مابين 25 الى 35% بدلا من الوضع الحالي الذي يقارب 70% كما ورد من إحصاء للدكتور العلمي.

أصبحت الآن الأراضي السكنية «تأكل وتشرب» وبالتالي تتحمل تكلفة ومصاريف، وهذا ينافي الوضع السابق بأن تصبح مخزنا للمال والاستثمار، وعليه يجب استثمارها، وهذا إيجابي جدا لصالح البلاد والمواطن، بدلا من حالة الجمود الحالية ودور مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة الأمير محمد بن سلمان ملموس، وواضح هنا في إقرار التوصية ورفعها ثم الموافقة عليها ويبقى الآن التفعيل وهو منتظر، وبالتالي نشر الآليات التي ستتم على أساسها فرض الرسوم « وقد تأتي ايضا الزكاة على الأراضي غير الرسوم»، وهذه الفعالية من المجلس توضح الملامسة الحقيقية لحاجة المواطن وتلبية ووضع حلول، وفرض الرسوم جزء وليس كلاً لحل أزمة السكن ويضاف لها الحراك الاقتصادي أيضا فتحريك الأراضي باستثمارها سيشمل ليس السكن فقط، فقد تكون استثمارات تجارية أو غيرها، مما يعني مزيدا من التنمية والنمو الاقتصادي والحراك، وهذه إيجابية أيضا تضاف، وحلول السكن ستكون هناك أيضا خيارات أخرى سوف تعتمدها كما يتوقع وزارة الإسكان، سواء بتمويل أو تسريع في القروض أو مشاركة المطورين، فالحلول لا تأتي بحل واحد بل بحزمة حلول لكي تواجه مشكلة سكن كبيرة نعيشها.

ما يطمئن هنا أن مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، يمارس فاعلية مباشرة وقراءة للواقع ومعرفة المشكلة ووضع الحلول، بلا تأخير وانتظار طويل، وهنا يأتي العمل للجهات الأخرى التي يناط بها العمل، بتكملة ذلك بالعمل والإنجاز وتفعيل الحلول على أرض الواقع وهذا مهم، لكي تكتمل دورة الحلول والفاعلية، ونتوقع من المجلس استمرار هذه الفاعلية والإيجابية المستمرة، وسيكون الانتظار والزمن هو الكفيل ببروز وظهور الأثر الإيجابي المتوقع، وهو ما نتوقعه بإذن الله.

نقلاً عن صحيفة " الرياض"