رحل حب وجاء حب

ليس أصدق من دموع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز تعبيراً عن حزن شعبه ومواطنيه وإخوته ومقيميه، عن ألمنا وحزننا برحيل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.

رحل الحب الكبير الذي احتوانا، الذي كان يطلب منا دوماً الدعاء له، فنسأل الله العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يجزيه عن المسلمين والعرب والإنسانية جمعاء خير الجزاء.

رحل حب وجاء حب، نبايع ملكنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، ونبايع من اختاره ولياً لعهده، وولياً لولي عهده، نضع أيدينا في يديه التي ما برحت تكفكف دموعه، ونسير خلفه نكمل معه مسيرة الحب والولاء لهذه الأرض الطيبة، ومسيرة الإخلاص والعمل من أجل رفعة وطننا، وصلاح أمتنا وتحسن أحوال العالم.

قلب مليكنا حزين بلا شك، لكنه مليء بإيمان ويقين أن مسيرة وضع أسسها الراحل الكبير الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه موحد هذه البلاد، هي نبراسنا الذي نسير عليه، ويسير عليه ولاة أمرنا رجلاً بعد رجل، ملكاً بعد ملك، وحباً متبادلاً دائماً بعد حب، فليربط الله على قلبك يا ولي الأمر بفقد أخيك، وليكن في عونك وأنت تخدم الحرمين الشريفين والمسلمين، وتقود شعبك وسط عالم يموج بأحداث جسام، وفي منطقة أصبحت ساخنة جداً من حولنا.

رجل الوفاء، ملك الوفاء كما عهدناه وعرفناه، سيقود مسيرة الإصلاح وفكر الوسطية، سيعزز روح الحوار، وهو من يعرفه أهل الثقافة والإعلام حاضراً دائماً في قضاياهم وهمومهم واهتماماتهم.

من الأشياء التي يعرفها أهل الميدان الصحافي، وكل من رافق الملك سلمان في اجتماعاته ورحلاته حول العالم شيئاً مهماً وذا دلالة مهنية لأهل الصنعة الإعلامية، هو أن الملك سلمان دقيق جداً في مواعيده مهما بكرت، ولطالما حضر مع شروق الشمس تدشين المشاريع، ولطالما ضبط موظفوه وزائروه ساعاتهم على حضوره.

رجل دقيق ومتابع ووفي، عركته السياسة التي شهد كثيراً من أزماتها وانفراجاتها، جمع بين الثقافة المدنية العميقة، خصوصاً التاريخية والأدبية منها، وبين الممارسة العسكرية منذ انضم إلى متطوعي القتال في فلسطين، وحتى قاد وزارة الدفاع السعودية.

بلادنا تودع ملك الحب، وتبايع ملك الوفاء والحب، نلتف حول قيادتنا، نواصل التنمية بصدق، نحارب التطرف والإرهاب والفساد، وندعم العلم والإنسانية والتقدم الحضاري، متمسكين بموقعنا الذي وصلنا إليه من العالم، ومؤمنين أن كل ما يحدث حولنا دروس وعبر نعرف منها أهمية الأمن والأمان، وقيمة الاستقرار والرفاه، والاستمرار في التقدم على كل الأصعدة.

لقد صنعنا في هذه البلاد ملحمة توحيد، ونروم ملاحم تقدم وحضارة وإنسانية، سنحققها كلما ابتعدنا عن كل ما يعوق مسيرتنا من الفكر الضال والتفكير السلبي، والاستماع إلى الناعقين الحاسدين، الذين عجزوا ولله الحمد والمنة عن النيل من وطننا وأمننا واستقرارنا.

مليكنا الغالي أخا الغالي الراحل، عظم الله أجركم، وأحسن عزاءنا جميعاً، نبايعكم على السمع والطاعة، ونضع أنفسنا وعقولنا وأقلامنا بين أيدي وطننا، ونسخرها دوماً في خدمته.

نقلاً عن جريدة " الحياة"