الحكم بعد المراوغة

 أرسل المدير العام لجنة برئاسة أحد أقارب المتهم في قضية إدارية. توجهت اللجنة إلى مقر المتهم.

كان أعضاء اللجنة من صغار الموظفين الذين اختارهم الرئيس ليتمكن من التأثير على استنتاجاتهم. بقيت اللجنة لمدة يوم واحد، فقد اجتمعوا مع المتهم، ثم قرر الرئيس أن يغادروا، لكن أحد أعضاء اللجنة اعترض على المغادرة وطالب بمقابلة "الضحية".

وافق رئيس اللجنة على مضض، استدعي الضحية، وكلف الرئيس عضوين آخرين بلقائه، بينما بقي هو يحرس الموظف المتمرد، حيث أخذه لغداء عمل في أحد الفنادق. وضح له أثناء الجلسة في ردهة الفندق أن الشكوى كيدية؛ لأن المسؤول الذي كانت الشكوى بحقه، من خيرة الموظفين وتاريخه حافل بالعطاء والإخلاص للمنظومة ككل.

لمَّح رئيس اللجنة للعضو عن أهمية المحافظة على علاقة وثيقة مع كبار المسؤولين، خصوصاً أنهم من "الثقات"، وأن التشكيك في نويّاتهم أمر غير محمود. أكد له أن شكاوى كهذه يجب ألا يسمح بأن تؤثر في كبار الموظفين وتمنعهم من اتخاذ القرار إذا كان الواحد منهم يستمر في النظر وراءه، خوفا ممّن يضمرون له الشر.

عاد زملاء الموظف من مقابلة "الضحية"، وقدموا تقريرهم لرئيس اللجنة بأن دعوى الرجل "باطلة" ومبنية على معلومات غير موثقة، وأن الشاكي اتهم رئيسه بسبب عدم حصوله على ترقية غير مستحقة. رجع الجميع وقدموا تقريراً يفيد بسلامة موقف المتهم، وضرورة معاقبة الشاكي حتى لا تتكرر مثل هذه الاتهامات.

قابل المدير العام أعضاء اللجنة وشكرهم على جهودهم، ولكنه سأل العضو الذي لم يقابل الشاكي عمّا دار بينه وبين الشاكي وكيف وصل إلى قناعته بأنه لم يكن على حق؟ أجاب الموظف "ببراءة" أنه لم يقابل الشاكي، وأن زميليه هما اللذان قابلا الشاكي وقدّما التقرير ووقع عليه ثقة منه بهما.

قرر المدير العام رفض تقرير اللجنة وتكليف لجنة أخرى باستدعاء الشاكي وأخذ أقواله في الإدارة العامة. عندما قدم الشاكي الوثائق التي بحوزته، انكشف الغطاء عن المتهم ورفعت اللجنة تقريرا بأن الشاكي مظلوم وأرفقت أدلة لم ترفقها اللجنة الأولى.

صدر القرار بقبول شكوى الموظف ونقله لمدينة أخرى، حتى لا يتعرض لمشكلات في المستقبل.

نقلاً عن صحيفة " الاقتصادية"