معلمون قساة

 أصدقكم أنني لم أتخيل أن تكون نوعية أولئك المعلمين الذين ظهروا في مقاطع تداولها الناس في مواقع التواصل الاجتماعي، موجودة اليوم. كانت طريقة التأديب هذه متاحة في زمن مضى عندما كان اللحم "للمدرسة" والعظم " للأسرة"، وهو زمان لم يعد أحد يعتقد بوجوده.

زمان لم تكن فيه حقوق لأحد، لا لإنسان ولا لحيوان. أما اليوم فالعالم اختلف وطرق التربية تجاوزت أسلوب الضرب المبرح الذي لا يرضاه أحد لعدوه، فكيف بابنه أو تلميذ تقع على عاتقه مسؤولية تعليمه وتربيته ليخرج للعالم فردا منتجا، يحترم الآخرين ويرحم الصغير ويوقر الكبير.

أظن أن هؤلاء استخدموا الضرب المبرح كطريقة للتنفيس عما يعتمل داخلهم من مكنونات سلبية، عبروا عنها بالطرق الأسوأ. لا يمكن أن يكون شخص كهذا إنسانا سويا، وهو يظهر في المقطع غاضبا، ومعاديا، للطالب بشكل غير مقبول.

لعلنا نطالب كليات التربية بأن تغرس مفاهيم وقيم الرحمة لدى معلمي المستقبل. كيف يمكن أن يمتص المعلم غضب الطالب، وكيف يستفز فكره ومنطقه للتعامل مع ما حوله من المؤثرات. كيف يتمكن من جعل الطالب يأسف لعدم مشاركته في النشاطات وتأدية الواجبات، بعيدا عن استخدام أي مؤثرات "جسدية" مثل التي شاهدناها في المقاطع.

بعيدا، عن نفسية المعلم وسوء إعداده ومشكلاته النفسية والاجتماعية، أدعو إلى دراسة هذه الحالة الشاذة والتأكد من أن مكان تلقي العلم آمن، سواء كان المسجد أو المدرسة. نعم فما يحدث من شذوذ مستقبلي في حياة الطالب، لا بد أن تكون له صلة بماضيه سواء في البيت أو الشارع أو المدرسة.

كون البيت والشارع عنصرين يصعب التحكم في مكوناتهما، فالمدرسة هي المكان الأنسب الذي يمكن داخله أن نبني شخصيات الأبناء والبنات بمساهمة من تؤهلهم الكليات المتخصصة في المجال التربوي.

يجب أن تكون لدى المعلمين والمعلمات القدرة على حماية فكر وسلوك الأبناء والبنات، وهذا يجعلني أدعو إلى مزيد من الفحص والتحري النفسي والاجتماعي في قبول الطلبة الذين يلتحقون بكليات التربية.

أطالب في مرحلة متقدمة أن تكون الفصول مراقبة بوسائل حديثة كالكاميرات لتكون وسيلة لتطوير التعليم ونشر الأساليب الإيجابية والتعامل مع السلبيات والتجاوزات بشكل قانوني يحمي حقوق الجميع.

نقلاً عن "الاقتصادية"