برنامج «المثل الأعلى»

 أكاد أجزم بأن لا أحد من الآباء والأمهات يتمنى أن يكون ابنه مغنيا أو راقصا أو ساحرا أو بهلوانا، ثم يأتي من يريد أن يقنعنا بأن المثل الأعلى لا بد أن يكون واحداً من أولئك، فهل يمكن أن يكون هذا الشخص من أبناء جلدتنا أو يشترك معنا في القيم والمفاهيم؟

يقول الواقع إن هناك من يحاول أن يفرض هذه القيم والمفاهيم من خلال برنامج مستنسخ من ثقافة مختلفة تماما. تلك الثقافة لا يزال فيها من يرى أن المثالية تتجلى في التفوق العلمي والالتزام الديني والأخلاقي، ولا يزال يقاوم سيطرة فكر كهذا على عقول الناشئة.

يأتي البرنامج ليعرض على الشاشات، وتخصص الملايين من الدولارات لجذب المشاركين والتنقل بين المدن والعواصم لاختيار المرشحين ليصبحوا المثل الأعلى لأبنائنا، كما يوحي اسم البرنامج الذي هو أيضا منسوخ "بالمللي" من الاسم الغربي للبرنامج.

تستمر المفارقات التي "ترفع الضغط" عندما يحدد الأسبوع الأول من بداية الدراسة لافتتاح البرنامج. هذا يضمن نسبة مشاهدة أعلى من الفئة المستهدفة وهي فئة الطلبة والطالبات، فيلفت الطلبة عن دراستهم إضافة إلى دوره في التأثير فيما يمكن أن يغرسه فيهم أهلوهم من الأخلاق والقيم والمفاهيم.

تعرض القناة التي تحقق أرباحا عالية البرنامج ليس من قلة ذات اليد، ولا لأن القائمين عليها من ذوي الثقافة الأجنبية أو من يحاولون أن يفسدوا مجتمعاتهم، فهم من أبنائنا ولديهم الحرص نفسه على مجتمعنا والرغبة في تقدم وطنهم، فما السبب الذي يدفع ببرامج مثل هذه للمقدمة؟

قد يكون التنافس المحموم على نسب المشاهدة سبباً، وقد يكون السير على خطى الشركات الإعلامية الكبيرة، وقد تكون هذه الشركات تغلغلت في المشهد الإعلامي العربي وأثرت في أسلوب التفكير والعمل، ما أدى إلى ظهور برامج تنافي الذائقة والقيم والمبادئ الإسلامية التي ننتهجها، ونعتبرها مسلمات لا يمكن العبث بها.

مهما يكن من أمر، لا بد أن يعيد المسؤولون عن هذه القنوات التفكير ويحاولوا أن يكونوا عناصر بناء في المجتمع، حيث يُفترض أن يكون مثل الأبناء الأعلى شخصا منتجا مهذبا خلاقا في مجالات تخدم ولا تهدم الأمة والمجتمع.

نقلاً عن "الاقتصادية"