الحزم في القرارات ضرورة

كثير يراهن على ضعف الرقابة واستمرارها وثباتها وقوة تطبيق القرارات، سواء ما يتعلق بالقرارات الاقتصادية او البلدية أو غيرها، ومثال ذلك؛ سابقا كان لدينا شيكات متعثرة تقارب قيمتها 14 مليار ريال، اليوم تقارب مليار ريال فقط أو نحوه فماذا تغير بين الأمس واليوم؟! فقط تم تفعيل قانون عقوبات الشيكات بدون رصيد سواء بعقوبة سجن أو تشهير او غرامة، فامتثل المخالف وارتدع من ينوي المخالفة، فقط أصبحت واضحة لاشك.

ووزارة التجارة تملك امثلة كثيرة للنجاح من رقابة على الغش او مخالفة تسعيرة او غيرها، البلديات لا زالت ضعيفة وان كان هناك تحسن، فهي تمارس أسلوب قديما ولم يتغير ولا تعرف السبب وهو أسلوب "الحملة" مع أنه عمل الوزارة والأمانات بالمدن وهو الرقابة المستمرة بلا توقف والعقوبات، فلا زالت المطاعم تمارس مخالفات والعاملين بها من التزام بمعايير النظافة سواء للعامل او الغذاء او المكان نفسه، وايضا المفترشون بالشوراع بالبيع والمخالفين مازالت موجودة ولم يتغير الكثير، المرور ايضا لازال يعاني الضعف والتطبيق الجزئي في الضبط المروري والانتقاء له فهي ليست برنامجا شاملا وكاملا بل جزء ولم يتغير الكثير على أرض الواقع.

وضعت هذه الأمثلة الثلاثة بين من يطبق القانون بحزم واستمرار ورغبة بعدم التراجع وكل يوم جديد ك"وزارة التجارة"، وبين وزارة تريد العمل ولكن تمارس أسلوب "الحملة" لمواجهة ضغط إعلامي او موقف محدد، وليس منهج عمل يومي وسياسية عامة لها، "الأمانات" التي لا زال مطلوباً منها الكثير، وأما المرور فهو "جزء" مطبق بحزم وواضح "ساهر" وما في حكمه وهو ليس مشكلتنا الأساسية على أي حال، بل نريد نظاما شاملا كاملا. هنا وأشدد دوما أن القوانين لا تنقصنا بأي مجال، سواء بسوق العمل او التجارة او البلديات أو غيرها، يمكن ان نقول اننا نملك ولا ابالغ أفضل الأنظمة، والسؤال الأهم هنا في شقين الأول: لماذا لا تطبق بشمولية واضحة بلا تراجع وبسياسة واضحة؟ والثاني هو: هل هذه الجهات تملك القدرة على تطبيق الأنظمة الخاصة بها؟ بمعنى هل يمنعها قصور كوادر؟ او وعدم وضوح رؤية؟ أو ماذا؟ ما هي العقبات التي تمنعها من تطبيق هذه التشريعات والأنظمة والأحكام؟

حين تطبق كل جهة ووزارة وهيئة أنظمتها وتشريعاتها، سنجد أننا في النهاية سنصل إلى تكامل وشمولية الأنظمة، وسنجد الكل يقوم بدوره وبالتالي سيعمل الجميع على الإنجاز وتحسين الظروف كاملا، في الشارع في المطعم في السوق بالمطار بالحديقة وهكذا، حين يفعل كل دوره ولا يقصر ولا يتراجع ولا يضعها شيئا موقتاً في حياته فهذا هو المهم والأساس الذي نحتاجه حقيقة في بلادنا، فعلوا الأنظمة والقوانين ونموذج وزارة التجارة والشيكات واضح بجلاء تام ولا يحتاج تفسيرات، هنا هو سر ضعف ثقة الكثير بالأنظمة والقوانين الذي يردون كل شيء "موقت" وهذا خطأ، بل يجب أن يكون منهجا وبرنامجا وأساس عمل كل وزارة او هيئة، وهذا ما سيؤدي بنا إلى الطريق الصحيح، التفعيل والتطبيق بلا تراجع أو توقف. 

نقلاً عن "الرياض"