حجاب المذيعة

يستمر الخلاف بين أصحاب الرؤى المناوئة لخروج العلماء في برامج حوارية مع مذيعات لا يلتزمن الحجاب الشرعي، وبين هؤلاء الدعاة. المعارضون لهذا الظهور ينتمون لتيارات مختلفة منها الديني وأغلبها لا يمت للدين بصلة.

الجديد في القضية هو أن البرامج الحوارية مجال هذه المفارقة أصبحت توظف مذيعات أكثر جاذبية، بل تكلف المذيعة بإدارة الحوار حتى وإن شاركها التقديم رجل.

يرى كثير من الدعاة أن ترك الساحة دون حضور شرعي يوضح المعالم ويفسر القضايا الطارئة، خطره أكبر من خطر الظهور مع مذيعة "سافرة". ولو أن رجلا منا "عامة الشعب" شوهد في أي مكان عام يتحدث إلى سيدة أجنبية ــ وإن كانت محجبة ــ فمصيره إلى "جمس الهيئة". فبماذا يفسر علماؤنا هذا التعارض الصارخ بين النظرة للعالم والنظرة لرجل الشارع العادي، الذي لا يستطيع الزواج بأكثر من واحدة، ولا يعرف المسيار ولا المسفار، وهو ما يعتبر من قبيل الجبن في رأي كثير من الدعاة؟

أما الظهور لتفسير أمر شرعي وشرح قضية مهمة فيمكن أن نناقشه دون أن يتنازل العالم والداعية عن إيمانه بالحجاب وشروطه المعتبرة، خصوصاً لدى "الحنابلة"، وهم أكثر تشدداً في قضية الحجاب. على أن أغلبية القضايا تفسرها برامج الفتاوى التي تعرضها قنواتنا الحكومية.

يظهر عالم جليل أكن له ويكن له كثيرون كما هائلاً من الاحترام والتبجيل في برنامج، ثم يستهل كلامه بالحديث إلى المذيعة المتبرجة يدعوها فيه إلى التمسك بالحجاب. هذا أمر يدل على أنه لا بد من أن نعود إلى قواعدنا مرة أخرى حتى لا نفقد ثقتنا بعلمائنا الأجلاء.

تمادى البعض فبعثوا الهدايا لإعلاميات بحجة الدعوة، وهو أمر تكرر وشاهدناه من علماء تميزوا بالوسامة والتأثير في قلوب الفتيات اللائي استفتت إحداهن: هل يجوز أن أحب الشيخ في الله؟!

وحتى لا تقع "الفأس في الرأس" ويفقد كل العلماء هيبتهم بسبب قلة منهم، أدعو إلى اتفاق شرف بين كل الدعاة بعدم المشاركة في برامج حوارية مع مذيعات لا يلتزمن الحجاب الذي يؤمن به الشيخ، وأن يحافظوا على الحد الأدنى من الحديث غير الشرعي والاستدلال المباشر دون إطالة الحوار ليكونوا قدوة للشباب الذين يبجلونهم.

نقلاً عن "الاقتصادية"