قطر إلى أين؟

ما الذي تريده دولة قطر من تغريدها خارج سرب مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وهي التي شاركت في تأسيسه، وارتضته، ووافقت على نظامه، وعبَّرت منذ سنواته الأولى عن سعادتها بإنشائه؟ بمعنى آخر، ما الذي تغيَّر في سياسة قطر (الدولة الصغيرة)، وأبعدها عن منظومة أشقائها (دول المجلس) في التوجُّهات والسياسات والعلاقات، دون أن تفكر بمصالحها أولاً ثم بمصالح أشقائها في المجلس؟ وكيف لها أن تنساق وراء مثل هذه المظاهر الإعلامية دون أن تفكر بما سينتهي به مطاف مواقفها وتصرفاتها من أضرار على أمنها وأمن دول المجلس؟ 

أسئلة مباشرة وواضحة وشفافة، قد تتجنب دولة قطر الإجابة عنها؛ طالما أنها وضعت نفسها سجينة في مستنقع المؤامرات التي لن تستثني قطر نفسها من آثارها المدمرة، وغاب عليها أو غُيِّب عنها أن الأوراق مكشوفة لدى أشقائها، وأن اللعب بنار إثارة الفتنة، وتمويل كل ما يعزز ذلك، إنما سيرتد على من يتبناه ويدعمه وينفق عليه، بما لا مجال لإنكاره أو التملص منه، أو استحضار ما يمكن أن يُستند إليه لتغطية حقيقة وأسباب الخلاف الواضح والمعلن بين قطر وأشقائها؛ وبالتالي فليس أمام قطر الآن ما يمكن حجبه بغربال. 

فالمراقبون يعرفون أن دولة قطر تموِّل بسخاء كل المعارضين الخليجيين المقيمين في لندن مالياً، وتدعمهم إعلامياً، ولا يغيب عنا أنها تجنِّس بعض أبناء دول المجلس، وتعطي إقامات دائمة لجنسيات أخرى لها مواقف مشبوهة، وكأنها تهيِّئهم لربيع خليجي على غرار الربيع العربي، كما أنها تدعم الإخوان المسلمين في مصر والمملكة والإمارات، والحوثيين في اليمن، والمعارضة في البحرين، دون أن تفكِّر بمسؤولياتها والتزاماتها أمام أشقائها وجيرانها في المجلس.

مرة أخرى، ما الذي تسعى وترمي إليه دولة قطر من هذا العبث؟ ومن الذي يقف وراء توتير علاقاتها مع من تجمعها بهم مصالح مشتركة في مجلس التعاون؟ وإلى أين هي ذاهبة في علاقاتها وتحالفاتها وتوجهاتها؟ وهل في رأيها أن الإنكار أو التفهم المبطن مع عدم الالتزام بما تم التعهد عليه يكفيان لإبقاء التعامل معها في حدود سحب السفراء، أم أن الأمور هي الآن في طريقها إلى التطوُّر والتصعيد فيما لو لم تتجاوب مع ما التزمت به أمام الملك عبدالله والأمير صباح، بما يسمح لدول المجلس بقطع العلاقات معها، وما سيتبع ذلك من تداعيات أخرى ليست في صالح قطر؟

وبالاختصار المفيد أقول: من حق دول المجلس أن تحمي أمن مواطنيها، ولا يمكن أن تسمح بأن تكون طموحات قطر عائقاً أمام تحقيق هذا الهدف، وعلى قطر أن تفكِّر جيداً بأنه لا مساومة ولا تراجع عن ذلك الموقف المعلن من تصرفاتها؛ لأن أمن المنطقة وسلامة المواطنين ومصالح دول المجلس لا يمكن أن تُترك لنزوات لا تقدِّر خطورة اللعب بالنار، كما أنه لا يمكن القبول بأقل مما تم إلزام سمو أمير دولة قطر نفسه به أمام الملك عبدالله والأمير صباح.

نقلاً عن "الجزيرة"