إلى أين ستذهب العلاقات الخليجية؟!
من أدخل مجلس التعاون الخليجي في الأزمة الجديدة، ووضعه في مواجهات لم يخترها أو يقبلها؟ وهل ما جرى من قطر سبب محدد بعدم التزامها بقواعد العمل والاتفاقات التي ظلت مهر الزواج بين دول الخليج؟ ومن المستفيد من سحب سفراء المملكة والإمارات والبحرين منها، وماذا سيكون رد الفعل القطري، وهل سيلحق سحب السفراء إجراءات أخرى تدفع بالعلاقات إلى ما فوق التوتر، خاصة وأن بيان الدول الثلاث ذكر أن محاولاتٍ ووساطات عديدة، لم تغيّر مسار سياسة قطر تجاهها، إلاّ أنها اعتبرت الأمر شأناً يخصها حتى لو كان مضراً لدول تشاركها التاريخ والجغرافيا والإرث الاجتماعي؟
هذه الأسئلة طرحت على مستويات عليا، وإعلامٍ، ومحللين سياسيين يفهمون طبيعة هذه الدول التي ظلت في حال تعايش قبل المجلس وبعده، إلاّ أن تراكم القضايا بدءاً من توجّه محطة الجزيرة، وإلى ما دار في كواليس اجتماع القادة والوزراء واللجان الأخرى كشف عن أن الأمور لا تسير في الاتجاه الصحيح ما فجر الوضع كأول حادثة بينها بسحب السفراء، وهو الموقف الذي تجاوز حدود التفاهم إلى الفعل..
قطر تعرف أنها بحاجة أساسية لدول جوارها اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً، ومن يعتقد من دول المجلس أنه في غنى عن غيره، فهو لا يرى الأمور بواقعيتها وحقيقتها، لأن هناك ترابطاً جغرافياً حساساً لا نريد أن يدخل في المشكل الجديد، لأن تدفق العائلات المتصاهرة مع بعضها أو البضائع، أو الحركة المستمرة بين المجتمع العربي الخليجي، هو الذي لم تؤثر فيه أي حوادث قديمة، كذلك الأمر أو الجوهر الجامع بينها، وهو الأمن، والذي يتعرض في الظروف الراهنة إلى تقلبات على المستويين العربي والإقليمي، ونجاح هذه الدول كان في تجنبها الصراعات والتدخلات الأجنبية، ونعرف كيف سجلت موقفاً رائعاً، أثناء غزو العراق للكويت ما أكد أن العلاقة ليست عاطفية وإنما مصيرية..
ليس من مصلحة قطر أن تخلق مشكلاً مع محيطها الخليجي، وعملية احترام خصوصية كل بلد، وعدم التدخل في شؤونه ورعاية أمنه، أمر لا تقرره فقط الاتفاقات وإنما المصالح العليا المشتركة، ونتذكر كيف أن الخلافات العربية التي نشأت منذ الخمسينيات من القرن الماضي، وانتهت إلى ثورات لا أحد يعرف نهاياتها، ظلت دول الخليج أكثر بعداً عنها، رغم من حاول إغراقها في مشاكله ولذلك نأمل أن تكون هذه المسألة سحابة عابرة، وأن لا تتطور إلى قطيعة ربما تؤدي إلى تطورات تغيّر مسار هذه الدول..
نعرف أن الوصول إلى قناعة سحب السفراء، مقدمات إما لإصلاح الشأن الخليجي على قاعدة الوضوح والشفافية، أو الاتجاه إلى التصعيد، وفي كل الأمور فإن حالات التصدّع لا تعالج بالتقوّي بالغير، أو مبدأ الحرية المتاحة التي تصل إلى أنف الآخر باعتبارها حقاً مشروعاً، في حين نعرف أننا في هذه الدول لدينا الكثير من السلبيات والإيجابيات في داخل كل بلد، وعملية استثمارها في خلق تعقيدات سياسية ربما تخدم قوى أخرى لها مصلحة أساسية في توتير هذه العلاقات وتنميتها..
الحُكم على ما يجري بات رهن المعالجات الصحيحة وليس المتوارية خلف الحجب، والأمر المهم أن نرى الواقع بعيون منفتحة، خاصة وأننا لا نحتاج إلى خيارات تضعنا في مهب العواصف إذا ما قدّر القطريون نسبة الخطأ والصواب في سياستهم..
نقلاً عن "الرياض"