ثلاث دول عربية خاضعة للمليشيات..




















 إيران تلعب على ساحة ثلاث دول عربية؛ حيث اختطفت العراق وحولته إلى مركز تجسسٍ، وتأسيس مليشيات تقاتل السنة في الداخل، وتذهب إلى الأبعد في سورية ولبنان، حيث أصبح حزب الله مع تنظيمات شيعية تقاتل بأسماء وصفات تخدمها، حتى إن سوق العراق الذي تدنت فيه الزراعة والصناعة ومراكز اجتماعية وثقافية، صار جزءاً من ضاحية خلفية تديرها إيران بصفة الوصي والمحتل، وقد انتشر الفساد لدرجة بدأت تظهر تعليقات نارية مثلما كشفه السيد مقتدى الصدر، إلى جانب فضائح استغلال المال العام وكيف أن رسم السياسات العراقية بدأ بتقاسم المسؤوليات والتنسيق بين أمريكا وإيران، وتحويل العراق إلى ساحة تصفية حسابات بين القوى الداخلية مع بعضها ما جعله أو مواطنه تحديداً لا يعرف ما هي هويته الوطنية، هل هي المذهب والطائفة، أم العشيرة والمليشيا؟

فصار الوطن هو الغائب الأساسي عن المواطن..
سورية ساحة حرب بدأت أيدلوجية بين أحزاب يسارية وقومية تعززها وتدفعها انقلابات عسكرية بمسميات وشعارات أغرت العديد من الأجيال على اعتبار أنها وسيلة الخلاص من الدكتاتوريات، وحتى الوحدة مع مصر جاءت كنزعة عاطفية يقودها مجموعة من أصحاب الفكر الوحدوي، غير أن الواقع عاكسها ثم أفشلها، لتتحول إلى قطيعة بين البلدين ومحاكمة لدور كل منهما في الفشل، لكن الأسد الأب الذي تربى في حزب البعث وعرف سلوك قياداته، وكيف أن طائفته التي ظلت الفئة الدنيا في السلّم الاجتماعي استطاع أن يحولها إلى قوة عسكرية تحتل المناصب العليا والوسطى، وعمل على أن تكون جميع أجهزة الأمن والمباحث والاستخبارات الضلع الأقوى في الهيمنة على بقية التشكيلات الاجتماعية، وزحف أبناء الطائفة على الاتجار بكل شيء ومحاربة أي عنصر لا يخضع لإرادتهم، وهو ما جعل الضغوط التي واجهها الشعب السوري، وعزْل فئاته عن أي حق وطني وقانوني تُنضج وسائل الثورة لمواجهة هذا الحكم، ولم يكن الابن على دراية بأن دورة الأفلاك غيرت العقول، وأن وسائط الاتصال استطاعت كشف الممنوعات والمتستر عليها، ولم يأت تقديره بقراءة الواقع، لكنه اعتبر سورية قطاعاً تملكه العائلة والطائفة المتحالفة مع الولي الفقيه.

قطعاً ما يدور في سورية هو حرب قوى تختلف قدراتها من عظمى إلى متوسطة القوة، وجاء تأثيرها حسب قدرة كل طرف بإدارة المعركة بالسلاح أو النفوذ الطائفي والمالي، وفي ظل هذه الظروف تكاثرت المليشيات، بعضها يحارب بعضاً، وأخرى تحارب السلطة، لكن الدول المؤثرة في المسار انحصرت بين روسيا المؤيَّدة من الصين وإيران، وأمريكا التي تضاربت سياساتها بين الرفض لمساندة الشعب السوري، وتلاقي الأهداف مع إيران، غير أن المخادعات السياسية بدأت تكشف أن روسيا أكثر تعاملاً مع المستجدات؛ بحيث أصبح لقوتها العسكرية القدرة على التدمير وإرجاع سورية إلى عدة قرون، وهذا الأمر لا يهمها إذا كان هو من يحمي مصالحها ويمكنها من النفوذ بحيث يكون حليفها، وأن تراجع أمريكا جاء من قوة نفوذها في هذا البلد المأزوم..

وكما هي الحروب تخلق المفاجآت فقد تستمر في سورية لعدة سنوات، لكن التنبؤ بالنتائج هو الذي سوف يخالف أفكار من يديرونها إذا ما أصبحت دولة أفغانية جديدة لا يسكنها إلاّ المحاربون وأصحاب العقائد المتطرفة التي قد تصل إلى مفاصل أمن الدول المتداخلة معها في السلب والإيجاب..

لبنان يقترن أمنه تاريخياً بسورية، وهذا التلازم بمشكلة البيئة الواحدة والجوار القلق أفرز ما بعد الحرب الأهلية مليشيا حزب الله، والذي لم يعد مجرد لاعب في الضاحية وبعض مدن لبنان، وإنما في الداخل السوري ما أثار حفيظة السنة، وقد يجر معهم الفلسطينيين المتواجدين فيه بعدم السكوت وهم يرون إخوانهم في مخيم اليرموك يُقتلون علناً من حزب الله والنظام، وهي الشرارة الأخيرة التي قد تحرق كل لبنان ومعه أطراف أخرى في سورية.


نقلاً عن "الرياض"