أين ذهبت القدس؟

يبدو أن سورية على موعد مع مستقبل قريب مظلم. لا احد يعلم هوية النهاية. كلا الطرفين المتصارعين يحمل على كتفيه تاريخا إجراميا فظيعا. ورث الأسد عن والده المقاصل والسجون والتراث الطويل من القتل والسحل وهؤلاء الافاقون الذين تقاطروا من انحاء العالم على سورية لا يملكون سوى لغة الكراهية والعنف والقتل. أيديهم ملطخة بدماء كل الشعوب. أفغان باكستانيون أمريكان سعوديون جزائريون شيشانيون بريطانيون اسبان عراقيون إلى ما لا نهاية.

لو لم يكن بين الأسد وبين هؤلاء المجرمين هذا الشعب المسالم البريء لاعتبرناها معركة رائعة يصفي فيها الشر نفسه كما كانت المعارك التي تندلع بين عصابات المافيا في المدن الامريكية. لكن مع الأسف وقود هذه المعركة هو الشعب السوري واستقرار المنطقة بأسرها.

بعد الربيع العربي قفز إلى السلطة في مصر وفي تونس أهم حزب ديني في المنطقة. كان شعاره الإسلام هو الحل. ومن شعاراته المعلنة التي لا يكف عن ترديدها كلمة (القدس). صار هذا الشعار ايقونة المنظمات الإسلامية في كل مكان. أتذكر في الحملات التي تدعو للمنازلة العالمية في أفغانستان كان اسم القدس يطل في كل حملة جمع تبرعات. ساعدوا اخوانكم في الشيشان وفلسطين. ساعدوا اخوانكم في الصومال وفلسطين، ساعدوا اخوانكم في افريقيا وفلسطين . تكاد تقاسم شعارات فلسطين كل المعارك الأخرى التي خاضها الجهاديون. جاب الجهاديون كل مكان في العالم حاملين القتل والتفجير والترويع والغدر عدا فلسطين نفسها. منذ ان توقفت المنظمات الفلسطينية العلمانية عن التصارع الدموي مع إسرائيل عاشت إسرائيل اهدأ مراحل حياتها. العالم يتصارع مع الإرهاب ومع الجهاديين باستثناء إسرائيل.

اليوم يتقاطر الإرهابيون على سورية بأعداد متزايدة حتى بلغ عددهم عشرات الألوف. وكعادتهم بدأوا التمثيل بالجثث وقطع رؤوس الاسرى وبقر بطون الحوامل. ثم التقاتل مع بعضهم. حققوا اول انتصار لهم بأن استولوا على مواقع للجيش الحر الذي يفترض ان يقاتلوا إلى جانبه ضد بشار الأسد واعلنوا دولة الخلافة التي ينشدونها.

عندما تقرأ بياناتهم سترى المرأة ولباس المرأة والخروج والدخول ولكنها تخلو تماما من أي كلمة تسيء للصهيونية أو تشير إلى تحرير القدس بل انهم كفوا عن تعيير الأسد ببيع ارض المسلمين او التخاذل عن تحريرها. غاب عن بياناتهم كل شيء يتصل بإسرائيل.

الشيء المقلق ان بعض الدعاة في المملكة والمعروفين بالاسم لم يعودوا يخفون علاقتهم بالجهاد في سورية. يتبادلون مع الإرهابيين الرسائل والنصائح وتعابير التشجيع والمؤازرة على رؤوس الأشهاد. لم يعودواد يكتفون بالدعاء لهم أو بالترويج غير المباشر لإنجازاتهم. يبدو انهم شعروا باقتراب النصر و(التمكين) حسب تعبيرهم فظنوا انهم أقوياء لا تستطيع أي قوة ان توقفهم .

صاروا يتناغمون مع الجهاديين بشكل صريح ومباشر. لكن الملاحظة المهمة ان شعارات بعض الدعاة في المملكة هي أيضا صارت تبتعد قصياً عن القدس. نفس الذي كان يحدث أيام الجهاد الافغاني. استغلال اسم القدس لجمع التبرعات لتمويل المعارك والتفجيرات في كل مكان عدا فلسطين أو المصالح الإسرائيلية.

نقلاً عن صحيفة " الرياض"